طبعاً كلما كتبت عن نبي من أنبياء الله تعالي وجدت نفسي لا شئ .. وأشعر بأني كحصاة تنظر لجبل لا تعرف طول الجبل ولا عرضه ... أو كقطرة ماء تنظر لمحيط ولا تعرف طوله ولا عرضه ولا عمقه ...
يوسف الصديق عليه وعلي نبينا الصلاة والسلام نبي من أنبياء الله تعالي وهو بن يعقوب عليه السلام وليوسف عليه السلام سورة في القرآن الكريم بإسمه وعدد أياتها (111 أيه ) وترتيبها في القرآن الكريم (12) وهي من السور المكية ...
من الحّكم والمواعظ التي أتت في السورة أو بعضاً منها .. أنها سورة تحكي عن يوسف الصديق عليه وعلي أبيه يعقوب السلام وهما وأبناء يعقوب عليه السلام قد ورد خبرهم في هذه السورة وعن بداية النبوة ليوسف عليه السلام وإخباره للرؤية المنامية التي رأها لأبيه أنه رأي أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأهم له ساجدين , ونصيحة أباه أنه قال له , قال تعالي" يابن لا تقصص رؤياك علي أخوتك فيكيدوا لك كيداً " أي أنه علم أن أخوته لا يحبونه وسوف يكيدون له إن أطلعهم علي رؤيته التي رآها ...
وبعد ذلك أجمعوا وخططوا ليوسف عليه السلام بأن يتركوه في البئر ثم وجده قوم قد ساروا بجانب البئر ولما أرادوا أن يدلوا بدلو ليشربوا فإذا بهم يجدوا يوسف عليه السلام ثم باعوه بثمن بخس ( أي زهيد ) ثم ذهابه لمصر وأشتراه رجل ثري وذو سلطان وهو عزيز مصر وأصبح في بيت غير بيته ومكان غير مكانه وبيئه غير بيئته , أصبح شاب يافع ووجيه وذو جمال شديد يفتن أي أمرأة وقد أردات أمراة العزيز أن تنفرد به ولكنه نبي معصوم ولم يرضي أن يُغضب رب العزة لأن الأنبياء ليسوا مثلنا هم دائماً علي صله بالله تعالي ولهم عصمه من الله تعالي وحركاتهم في الحياة محسوبة ومقدره ولهم توجيهات من الله تعالي يوجههم بها أينما أراد هو سبحانه ولكن المرأة أتهمته بأنه أرد يوسف الصديق عليه السلام أن يعتدي عليها (ولكنه لم يفعل ودليل براءته في أماكن متفرقه من الآيات في السورة ومنها في قوله تعالي " معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي" , وبعد أن كانت براءته واضحة جلية مثل الشمس بأن قميصه مقطوع من الخلف وليس من الأمام أي أنه كان يحاول الهروب من المرأة ولكنها كانت تشدة وتجذبه ناحيتها من الخلف حتي قطعت جزء من قميصة من ناحية الظهر , ولكن زُج به عليه السلام في السجن وذلك حتي لا تُفضح المرأة ذات السلطان لأن زوجها رجل ذو سلطان ...
ومكوثه في السجن بضع سنين وتأويل الرؤيا التي رآها لحاكم مصر بأن حاكم مصر يري في المنام أن هناك سبع بقرات سمان يأكلهن سبع بقرات عجاف (أي أن حاكم مصر يري في المنام وهذه الرؤيا متكررة يرها بإستمرار أن سبع بقرات ممتلئين اللحم والبدن يأكل السبع بقرات هؤلاء سبع بقرات آخري عجاف أي نحاف الجسم [ وهي سبع سنوات قحط مرت علي مصر في هذه الفترة ] ) وأن هناك عام يأتي علي مصر بمياه غزيرة تملئ الأودية والأراضي والقنوات والترع والنهر بالمياة الصالحة للشرب ويمر عليهم عام قحط جدب لا يجدون فيه قطرة مياه سواء في النيل أو حتي من المطر ...
ولولا أن الله تعالي مكن ليوسف عليه السلام تأويل الرؤيا وجعل حاكم مصر يري هذه الرؤيا وينشغل بها وكان من الممكن أن يلتفت إلي آراء القوم من حاشيته حينما قالوا قال تعالي " قالوا أضاغث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين " لو أنه ركن إلي النصف الأول من كلامهم ورأيهم لكانت مصر الآن ما بقي علي أرضها من دابه ولكنهم أعترفوا بعدم معرفتهم بتفسير الأحلام , وحكمة الله تعالي في ذلك أنه عَلم شعب مصر من هذا الدرس قيمة الإدخار والتوفير ( وأن المثل الخاطئ الذي يقوله بعض الناس أصرف ما الجيب يأتيك ما في الغيب ) هذا أمر خاطئ لا قيمة له ... لو أنهم عملوا في هذا الوقت بمثل هذا الكلام لكنت مصر منتهية ..نعوذ بالله من ذلك وحفظ الله مصر من كل سوء ...
بعد ظهور يوسف الصديق عليه السلام وخروجه من السجن وتبرءته من جريمة لم يرتكبها ولم يُقدم عليها ولم ينظر لها وليس له بها أي علاقه ... ولكن بعض الجهلاء ينظرون إلي سياق من آيات الله تعالي في سورة يوسف قال تعالي " وهمت به وهم بها لولا أن رأي برهان ربه " .. "هم بها" أي يريد الهروب منها "وهمت به" أي أردته لنفسها "لولا أن رأي برهان ربه" أي ان الله تعالي نجاه من هذا المأزق والإختبار الشديد بأن أخرجه من هذا الموقف الصعب لأن يوسف عليه السلام سيجعله رب العالمين علي رأس السبعة الذين سيظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم رجل دعته أمرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله .
وبعد أن مكنه الله تعالي من خزائن الأرض وهو عليها حفيظ عليم قال تعالي " ۞ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ (53) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ۖ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57) "
قد جاء أخوة يوسف عليه السلام ليتاجروا ويبيعوا ويشتروا القمح وما يلزمهم من الطعام ولقومهم وأهليهم قال تعالي " وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ (58) " , أي هو يعرفهم وهم لم يعرفوه فقد مرت سنين عليهم وقد نسوا ملامحه ويمكن أنهم قد أعتبروا أنه مات أو أخذه قوم في آراضاً بعيدة ...
وبعد ذلك أشترط عليهم بأن يأتوا له بأخ لهم من أبيهم وإن لم يأتوا به فلن يعطيهم شئ ,لما جاءوا له بأخيه بعد أن أخذ أبيهم عليهم العهد بأن يحافظوا علي أخيهم ولا يضيعوه أو يقتلوه كما ضيعوا يوسف عليه السلام ...
وجاءوا بأخيه بعد أن مكنه الله تعالي من ذلك قال تعالي " وكذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم " وأراد الله تعالي أن يأتي بكل أولاد يعقوب عليه السلام وحتي يعقوب عليه السلام حتي تتحقق الرؤيا التي رأها يوسف عليه السلام .. وقد كشف لهم يوسف عليه السلام نفسه فقد قال تعالي " قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) "
في هذه الأية الكريمة وخاصة النهاية منها قال تعالي ( إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) لبها العبر والعظات التي يمكن أن تُجمل معاني السورة كلها فملخص السورة ومفادها هي في الجزئية الأخيرة هذه ... ومعناها أنه من يتقي الله أي يخافه ويخشاه ويعمل للقاءه ويعلم أن يوم الحساب أتي لا محاله ويصبر علي الأذي والمحن والبلايا والأختبارات في الدنيا وكما حدث ليوسف عليه السلام من محن وبلايا فبرغم من كل ماعاناه منذ طفولته وحتي وهو رجل كبير تحمل وصبر وأتقي الله ولم يلتفت لشهوات النفس ولكنه صبر وصمد وتحمل ولذلك كافئه الله تعالي علي ذلك ومكنه في الأرض وجعل له شأن في المجتمع المصري وكذلك جاء بأخوته وأهله وأبيه ودانوا له بالطاعة وتحققت الرؤيا التي رآها فإن الله تعالي لا يضيع أجر المحسنين الذين عبدوه كأنهم يروه فإن لم يروه فهو يراهم ... سواء في الدنيا فإنه يحصل علي رزقه الذي حدده الله تعالي له .. , وفي الآخرة أعظم أجر وأدوم ولا نهاية للسعادة الخالدة هناك ...
الخلاصة : أن سورة يوسف هي التي قال عنها الخالق جلا علاه "أحسن القصص" , ففيها من العبر والعظات وأهمها ما أسردناه في النهاية ...
أرجو من الله أن أكون قد وفقت وإن كان التقصير من نفسي ...
وسلام الله تعالي ورحمته وبركاته ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق